بهذه المنزلة من الحزن وانا خير لك من أبيك ملكي اجل من ملكه.
قالت: اجل، ولكني إذا ذكرت كوني مع أبي وأنسي به هاج لي ذلك وجداً فلو أمرت الشياطين ان يصوروا لي صورته، فلعلي إذا رأيتها سلوت فأمر سليمان فصوروا لها صورة أبيها في مجلس يشبه، لمجلس الذي كان فيه، ويقال إن الذي صوره شيطان كان يصحب أباها، وقيل انه هو كان أشار عليها بذلك حتى سألت سليمان عليه السلام ذلك، فأمر الشياطين بعملها فكان في مقاصرها التي اسكنها سليمان عليه السلام في قصربناه لها، وقد غرس فيه بدائع الشجر وفجر الأنهار في قنوات ذهب وفضه مطوقة بأصناف الجواهر على النعت الذي كان رآه لأبيها في مساكنه، فعمدت إلى تلك (الصورة) فألبستها أصناف الثياب الفاخرة المنسوجة بالذهب المزينة بأنواع الجواهر، وجعلت على رأسه اكليلاً من الجوهر النفيس، وتوجته بتاج من ذهب منظوم بالجوهر الملون وأجلسته في صدر المجلس وجعلت حوله مخاد الديباج واوقدت بين يديه مجامراً من العود والعنبر، ونثرت عليه سحيق المسك، وفرشت بالبعد منه بحيث تحاذيه أصناف الأفاويه والريحان والزعفران، وكانت تدخل عليه بكرة وعشية، فتسجد له مع جميع وصائفها وخدمها، لما كانت تصنع
لأبيها، وخرج الخبر واتصل بآصف بن برخيا، وكان من قراء سليمان عليه السلام وكاتبه وهو الذي كان عنده علم من الكتاب، وهو الذي احضر عرش بلقيس وكان عنده علم موضع المرأة من قلب سليمان وحبه لها فلم يدر كيف يدخل إلى تعريفه بذلك إلى أن اتجه له الأمر (في ذلك) [1] فقال لسليمان يا نبي الله: أني سائلك شيئاً.
قال: سل.
قال أني قد كبرت ولست آمن إن يفجأني الموت، وقد أردت إن اقوم مقاماً اذكر فيه الأنبياء واثني عليهم واصف فضائلهم، فلتأمر باحضار الناس وتجمع وجوه بني
1) عن ت.
(*)