حقّك، فإن يك ذلك كذلك، فعمدا والله بايعت أباك وبايعتك من بعد أبيك، وإني لأعلم أني وجميع ولد أبي أحقّ بهذا الأمر منكم، ولكنكم معشر قريش استأثرتم علينا بسلطاننا حتى دفعتمونا عن حقّنا، فبعدا لمن تحرّى ظلمنا، واستغوى السفهاء علينا حتى دفعنا عن [1] حقنا واستولى على الأمر دوننا، كما بعدت ثمود وقوم هود وأصحاب مدين، ألا ومن أعجب الأعجاب عندي، وما عسيت أن أرى في الدهر من عجب، حملك بنات عبد المطلب وأغيلمة صغارا من ولد أبيه إلى الشام، كالسبي المجلوبة، ترى الناس أنّك قد قهرتنا وأنك تمنّ علينا، ولعمري لئن كنت تمسي وتصبح آمنا من جراحة يديّ إني لأرجو أن أعظم جراحك من لساني ونقضي وإبرامي، وإني لأرجو الّا يمهلك الله بعد قتل أهل بيته صلّى الله عليه وسلّم إلّا قليلا، حتى يأخذك أخذا وبيلا، ويخرجك من الدنيا مذموما مخذولا، فاعتبر لا أبا لك ما استطعت فقد والله [38 ب] زادك الله بما اقترفت، والسلام على أهل طاعة الله. أخبار عبد الله بن العباس مع عمرو بن العاص
ذكر [2] خالد القرشي عن أبيه قال: قام عمرو بن العاص في موسم من المواسم فأطرى معاوية وتنقّص بني هاشم وذكر مشاهده بصفّين، فاجتمعت إليه قريش، وأقبل عبد الله بن العباس على عمرو فقال: يا عمرو، إنك بعت دينك ونفسك من معاوية بدنيا غيرك، فأعطيته ما في يديك ومنّاك ما في يد [1] في الأصل: «دفعتمونا» . [2] انظر رواية المدائني لهذا الخبر في العقد الفريد ج 4 ص 11- 12.