صلتك، فإنّي حابس عنك ودّي ونصرتي، ولعمري، ما تؤتينا من حقّنا إلّا القليل، وإنّك لتحبس عنا منه العريض الطويل. وسألتني أن أحثّ الناس إلى طاعتك وأخذّلهم عن ابن الزبير، فلا، ولا سرور ولا كيد ولا كرامة ولا حبور. كيف تسألني نصرتك، وتحدوني على ودّك، وقد قتلت حسينا عليه السلام، بفيك الكثكث ولك الأثلب إذ تمنيك نفسك، العازب رأيك، وإنك لأنت الملعّن المثبور. أتحسبني لا أبا لك نسيت قتلك حسينا عليه السلام وفتيان بني عبد المطلب [37 أ] مصابيح الدجى، ونجوم الأعلام، غادرتهم جنودك بأمرك مصرّعين في صعيد واحد، في الدماء مرمّلين، بالعراء مسلّبين، لا مكفّنين ولا موسّدين، تسفي عليهم الرياح، وتغزوهم الذئاب والسباع، وتنتابهم جوّع [1] الضباع، حتى أتاح الله لهم قوما لم يشركوا في دمائهم، وكفنوهم وأجنّوهم [2] ، وبي والله وبهم جلست مجلسك، وأعززت نفسك، وما أنس من الأشياء فلست أنسى تسلّطك عليهم، فلست أنسى الدعيّ [3] ابن الدعيّ ابن العاهرة الفاجرة، البعيد رحما، اللئيم أبا وأمّا، الّذي في ادعائه أبوك كسب العار والشنار والخزي والمذلة في الآخرة والأولى، والممات والمحيا، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، فقال أبوك: الولد لغير الفراش والعاهر لا يضرّه العهر، ويلحق به ولده للبغي كما يلحق بالعفيف ولده للرشد، فقد أمات أبوك السنة جهلا، وأحيا البدع والأحداث المضلّة عمدا. وما أنس من الأشياء لست أنسى إطرادك الحسين بن علي رحمة الله عليهما ورضوانه من حرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حرم الله، وتسريبك [4] إليه الرجال ليغتالوه، ودسيسك [1] في الأصل: «جرع» . [2] في الأصل: «أحبوهم» . [3] يقصد عبيد الله بن زياد بن أبيه. [4] في الأصل: «وسريتك» ، والصواب «وتسريبك» أي بعثك.