عبد مناف. قال ابن عباس: هيهات يا معاوية! حدت عن الصواب، وتركت الجواب، بيننا وبينكم برزخ وحجاب، أنتم الحثالة، ونحن اللباب، ولشتّان ما بين العبيد والأرباب! أتجعل أميّة كهاشم؟ إنّ هاشما كان صميما كريما، ولم يكن لئيما ولا زنيما، أول من هشم الثريد وسن الرحلتين، وله يقول القائل [1] :
عمرو الّذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون [2] عجاف
سفرين سنّهما له ولقومه ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف
قال معاوية لابن عبّاس: كيف رأيت صنع الله [3] بي وبأبي الحسن؟
فقال ابن عباس: صنعا والله غير مختل [4] ، عجّله إلى جنة لن تنالها، وأخّرك إلى دنيا كان أزالها [5] . فقال: وإنّك لتحكم على الله؟ فقال: الله حكم بذلك على نفسه: وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ الله فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [5]: 45 [6] . قال: أما والله لو عاش أبو عمرو عثمان حتى يراني لرأى نعم ابن العم، فقال: والله لو عاش لعلم أنك خذلته حين كانت النصرة له، ونصرته حين [17 ب] كانت النصرة لك. قال: وما دخولك بين العصا ولحائها؟ قال: والله ما دخولي بينهما إلّا عليهما لا لهما، فدعني ممّا أكره أدعك من مثله، لأن تحسن فأجازي أحبّ إليّ من أن تسيء فأكافئ، ثمّ نهض [7] ، فأتبعه بصره وهو يقول: [1] هو ابن الزبعري. انظر اللسان مادة (سنت) . [2] ابن الكلبي: جمهرة النسب ق 1 ص 9. [3] الأصل: «كيف رأيت الله صنع بي» . انظر اليعقوبي ج 2 ص 199- 200. [4] في الأصل: «محيل» وما أثبتنا من تاريخ اليعقوبي. [5] في تاريخ اليعقوبي «نالها» . [6] سورة المائدة، الآية 48. [7] انظر اليعقوبي ج 2 ص 199- 200.