خاصة ما وثقوا به. فلما استوثق للنضر بن حميد في ذلك لقي مالك بن أدهم، وقد كانوا جهدوا في حصارهم حتى صاروا إلى أكل لحوم الدواب والميتة، فقال له: علام نقتل أنفسنا بالجوع ونعرّضها للقتل، وقد قتل ابن ضبارة، وانقطعت الأمداد عنّا وقد بذلوا لنا الأمان؟ اقبل أيّها الرجل أمانهم قبل أن تلتقي حلقتا البطان عليك فتسأل ذلك فلا تجاب إليه. قال مالك: وكيف لنا بذلك؟ قال النضر: أنا لك به، هذا يزيد بن حاتم [174 أ] رسول قحطبة بذلك، أفتريد أوثق منه؟ قال مالك: حسبي إن كان ابنا [1] ليزيد بن حاتم.
فدنا منه يزيد فكلمه ومالك يسمع كلامهما، قال: فأوثقوا لنا، فتراسلوا في ذلك، وهم يسرونه، حتى صاروا منه إلى ما أرادوا. ثم زحف إليهم قحطبة، وقد تواطأ أهل الشام معه، فنظر من معهم من أهل خراسان إلى ما صنعوا فقالوا: ما هذا؟ قالوا: قد استأمنّا لنا ولكم، ومضى أهل الشام لوجوههم.
دخول الهاشمية نهاوند
ودخل الهاشمية نهاوند، وكان أهلها خرجوا عنها، فأخذوا من وجدوا فيها من أهل خراسان وأهل الشام فاستوثقوا منهم، فكان إذا أتي بالشامي إلى قحطبة خلّى سبيله، وإذا أتي بالخراساني أمر بحبسه، ودفعهم إلى قوّاده بقيّة يومهم وليلتهم، فلما كان السحر نادى منادي قحطبة: كل من كان في يده أسير فليأت برأسه، فقتلوا جميعا [2] ، فذكروا أنّ عدتهم بلغت ثلاثة [1] في الأصل «ابن» . [2] انظر الطبري س 3 ص 6- 8.