فبايعوه، وصحّت طاعة أهلها، وكتب إلى أسيد وهو بالري يستحثّه بالقدوم عليه، ثم شخص إليها في آخر شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقد حاصر أهلها الحسن قبل قدوم أبيه بنحو من خمسين ليلة، فلما قدمها قحطبة، وجّه الحسن فيمن معه إلى قرماسين، وأمره أن يقيم بها، ويفرق مسالحه ويحتفظ بالطريق ويبذرق القوافل. وسرّب أبو مسلم الجنود إلى قحطبة، وندب الناس من قبله لذلك، فسارع الناس إلى الخروج إلى العراق، وانتدبوا له، ورغبوا فيه، وكتب أبو مسلم إلى عمّاله بكور خراسان، بردهم [1] إليه و [2] تسليم الأعمال إلى رجال سمّاهم [3] لهم، وسرّب القوّاد بالجنود إلى قحطبة ثمانية عشر قائدا في نحو من خمسة عشر ألفا، فيهم حميد بن قحطبة في ثلاثة آلاف رجل، فلمّا قدم على أبيه ولّاه المقدمة على الحسن، فاستعفى حميد لمكان الحسن فأعفاه، وولّاه الساقة. ووجّه بسّام بن إبراهيم في أصحابه إلى الحسن بقرماسين.
وأقام قحطبة محاصرا لأهل نهاوند، وألح عليهم إلحاحا، فكتب إليه أبو سلمة: إنّ إقامتك على نهاوند قد قوّت من جند مروان ونسوا ما دخلهم من روع إيقاعك بهم مع ابن ضبارة، فإن تعذّر [173 أ] عليك الظفر بهم فأعطهم الأمان وف لهم به وخلّهم والتفرّق عنك، ليخلو لك وجهك لابن هبيرة، ومن قد وجّه مروان إليكم من ناحية الموصل.
ولمّا رأى قحطبة مصابرة أهل نهاوند إياه، وأتاه كتاب أبي سلمة بأن يؤمنهم، راسل من بها من أهل خراسان وقال لهم: أنتم آمنون، فمن أحبّ أن يخرج إلينا ويكون معنا فرضنا له وواسيناه، ومن أحبّ أن ينصرف إلى خراسان توثّقت له في أمانه من أبي مسلم، ومن أحبّ أن يمضي إلى غيرها فموسّع [1] في الأصل: «مرذهم» . [2] زيادة. [3] في الأصل: «سموهم» .