ليكون ردءا لهم، ووقف قحطبة في أصحابه على تعبئة. وأقبل ابن ضبارة، فلما نظر إلى قحطبة نزل وألقى أثقاله، وخرج فصفّ أصحابه، وجعل على ميمنته محمد بن نباتة وعلى ميسرته عطيف بن بشر، ونصب علما أصفر، ونادى مناديه: من أتى هذا العلم فهو آمن. وأمر قحطبة شجرة الكندي فنادى: ندعوكم إلى العطاء والرزق. قال قحطبة: يا معشر المسلمين! شدّوا كشدّاتكم الكريمة [1] يجمع الله لكم بها خير الدنيا والآخرة، فبلغنا أن العكيّ، وهو في الميمنة كان أول من حمل على ميسرتهم، وفيها داود [ابن هبيرة] [2] فثبتوا قليلا، ثم كشفهم، ودخل العسكر، وحمل قحطبة وهو في القلب فأزال من يليه ودخل العسكر. وكان ابن ضبارة [169 أ] جالسا في فسطاطه قد وضعت بين يديه البدور [3] ونادى [4] مناديه: من جاء برأس فله مائة [5] درهم، فقتل ابن ضبارة وما تحلحل عن موضعه، وحمل محمد بن نباتة على أبي غانم وهو في الميسرة حملة شديدة، وجعل ينادي: يا أبناء الأحرار! إنّما هم الأغتام، وسقّاط العرب، فهزم الميسرة هزيمة شديدة، وخلّوا لهم موقفهم. فزعم القاسم بن الوليد قال: صاح عامر يومئذ: يا فتيان! أعينوا إخوانكم، فشددنا عليهم فثبت لنا محمد بن نباتة، وقاتلنا قتالا شديدا، وجعلت تثوب إليه العدّة بعد العدّة من أهل الشام، ثم إنّ سالما صاحب لواء عامر شدّ على رجل منهم يقال له عجرة، وكان على مقدمة ابن ضبارة، فلما هزم القلب مال إلى محمد بن نباتة وكان فارس القوم، فطعنه في فخذه [1] انظر كتاب التاريخ ص 277 ب. [2] زيادة من ن. م. ص 277 ب. [3] في ن. م. ص 277 ب «البدر» . [4] في ن. م. ص 277 ب «وهو ينادي» . [5] في ن. م. ص 277 ب «ألف» .