أنا حتى آتيك؟ فقال: نعم أنت آمن، فأتاه فصافحه وقال: سرّح معي من يبلّغني أبا مسلم، ففعل. وانصرفت كتيبة نصر إلى معسكره لم يعرض لهم عارض، فمرّ أبو الحكم حتى صرف الناس من كلّ وجه، فانتهى إلى موضع، فإذا هو بقتيلين من أصحاب أبي مسلم مسلوبين وسواد قد خرّق، وكان بإزائهما [1] عاصم بن عمير السمرقندي فانصرف قبل أن يلقاه أبو الحكم، فهمّ [2] بقتله [3] ، فقيل له سرّحه إلى أبي مسلم ليرى فيه رأيه، ففعل، فخلّى أبو مسلم سبيله. ودخل أبو مسلم مرو من باب قنوشير فتلا هذه الآية: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ من أَهْلِها 28: 15 [4] إلى آخر الآية، وتلقاه علي بن الكرماني قريبا من دار الامارة فقال له: قد ذلّ لك لأمر وملكت مرو فامض إلى دار الامارة بهيبة القوم لك، [155 ب] ورعبهم منك، فمضى أبو مسلم إلى دار الإمارة فنزلها، وعلي بن الكرماني معه، ثم دعوا الناس إلى البيعة فلم يتخلّف عنها أحد من أهل مرو. وبلغ نصر الخبر فقال لمن حضره، وقد اجتمعت إليه أشراف مضر: هذا يوم قد نعيت إليكم فيه أنفسكم، كونوا مع الناس [5] .
وخرج علي بن الكرماني وأبو مسلم إلى المسجد، فصعد عليّ المنبر، وجعل أبو مسلم يبايع الناس، فإذا استوثق منهم أصعدهم إلى عليّ فمسحوا أيديهم على يده.
فأقام أبو مسلم ثلاثة أيام يأخذ البيعة على أهل مرو، ثم بعث إلى نصر [1] في الأصل: «بإزائهم» . [2] زيادة يقتضيها السياق. [3] في الأصل «بقتله» . [4] سورة القصص، الآية 15. [5] انظر الطبري س 2 ص 1990.