إن تبعدوا الأزد منا لا نقرّبها ... أو تدن نحمدهم يوما إذا اقتربوا
أتخذلون إذا احتجنا وننصرهم ... لبئس والله ما ظنّوا وما حسبوا
فأجابه العكّيّ يقول:
لسنا نحابي على الرحمن من أحد ... فيما نطالب من مولى ومن عرب
وديننا ضربكم حتى نقيمكم ... على الطريق ولو جثوا على الركب
هلّا صبرت ابن سيّار لوقعتنا ... إن كنت ذا حسب في القوم أو نسب
ولم يفرّ على جرداء سلهبة ... يرجو [1] النجاة ولا منجاة في الهرب
من الإمام وقد أمست حبائله ... يدنين منك طراد الصقر للخرب
فلمّا قرأ مروان الكتاب أطرق طويلا ثم رفع رأسه ورمى بالكتاب إلى عبد الحميد. فقال له عبد الحميد: يا أمير المؤمنين! انظر إلى موق هذا الرجل وسوء تدبيره، وإذا كان يكتب إلى أمير المؤمنين بمثل هذا التصريح من ذكر العشائر والقبائل فما [154 ب] يلقى به العوامّ في ذلك أوحش وأشنع.
إنّ خراسان قد أنغلها هذا بحمقه وخرقه وسوء سياسته وقد انخرق عليك أمرها انخراقا لست آمن أن يدعو إلى البوار، وأنا أرى لك يا أمير المؤمنين، وفي رأيك البركة، أن تبادر خراسان برجل شامي الرأي عامّ الهوى، متألف رفيق مجرّب. قال: فمن ترى لذلك؟ قال: قد رميتها برجلين كلاهما يصلح لولايتها [عامر بن ضبارة أو] [2] نباتة بن حنظلة. فكتب مروان إلى ابن هبيرة في تولية نباتة خراسان وإمضائه إليها [من طريق قومس وتوجيه عامر بن ضبارة إليها من طريق سجستان] [3] . [1] لعل البيت: «ولم تفر.. ترجو» ... [2] زيادة من كتاب التاريخ ص 270 أ. [3] زيادة من ن. م.