قويتم، وإن ابتغيتم إيمانكم هديتم، وقد يحمد الله كثيرا ممن يستجيب لكم، وتسارع الناس إلى دعوتكم، ومتى تدعوا التثبيت فيمن يأتيكم لا يؤمن أن يدخل عليكم من ليس شأنه شأنكم من أهل السخف وأهل الطمع وأهل الضعف، ثمّ لا آمن أن يدعو ذلك إليكم سلطانكم فيسطو بكم على معرفة منه بأمركم. وقد رأيت أن أختار منكم اثني [1] عشر رجلا فيكونوا نقباء على من يجيب دعوتكم وضمناء عليهم، من رضوا إيمانه وعرفوا صحّته أخذوا بيعته، ومن اتّهموه حذروه واحترسوا منه، وتلك سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيمن أخذ من النقباء على الأنصار حين بايعوه، فكانوا هم الضمناء على أصحابهم والمتوثّقين لهم [2] منهم، وتلك سنّة موسى وأصحابه. وليس للنقيب أن يدّعي الفضل على غيره بالنقابة، وإنّما الفاضل [3] بالعمل، وقد بلغنا أنّ سعد بن معاذ لم [يشهد] [4] بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا كان في العدّة التي حضرته ليلة العقبة ثم قدّمه رسول الله صلى الله عليه وسلّم على قومه النقباء وغير النقباء، وبلغنا أنّه أقبل [102 أ] ورسول الله صلى الله عليه وسلّم جالس في ملأ من أصحابه، فلما نظر إليه قال لمن عنده: قوموا إلى سيّدكم، فقال عمر بن الخطاب: الله سيدنا ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: وسعد سيّدك يا عمر. هذا لتعلموا أنّ الفضل إنّما هو بالعمل لا بغيره، وكم من متأخّر سيقدّمه عمله، وكم من متقدّم سيؤخره تقصيره، وقد أمرني إمامكم بالنظر في ذلك بما فيه عزّ دعوتكم وقوّة شيعته فإن وافقتموني على رأيي أمضيت رأيي فيه، وإن [1] في الأصل: «اثنا عشر» . [2] لعل العبارة «والمتوثقين له منهم» أي للرسول. [3] في كتاب التاريخ: «الفضل» ص 253 ب. [4] زيادة من ن. م. ص 253 ب.