أو ليرسل رسولا. فقال عمر لعلي بن عبد الله: ما أرى الأعرابي يأتي فسيروا بنا إليه، فسار عمر وعلي في جماعة من وجوه أهل البلقاء، قال:
فدفعنا إلى الأعرابي وهو محتب بفناء خيمته فسلّمنا فرد السلام، فتكلّم عمر فقال الأعرابي: أرسول أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: فإنّا قد زوّجناه على صدقات نسائها، وتدري ما هو، مائة من الإبل وما يتبعه من الثياب والخدم. ثم جاء بثلاث جفان من كسر خبز ولبن فأكلنا، ولا والله ما حلّ حبوته، ثم انصرفنا. وكتب عمر إلى عبد الملك، فأرسل إليه بمائة من الإبل وعشرة آلاف [1] من الورق وما يتبعه من الثياب والطيب والخدم، فجهزها ثم حملها إلى عبد الملك وما معها من ذلك شيء إلّا البعير الّذي اقتعدته، ومعها نسوة من بنات عمّها، فلمّا وافت عبد الملك أمر فأدخلت دارا وأقامت أياما. ثم إنّ عبد الملك بنى بها، فكان كثيرا ما يقول: ما رأيت مثل هذه الأعرابية ظرفا وخلقا [2] ومنطقا. قال: فاشتدّ ذلك على عاتكة بنت يزيد ابن معاوية فأرسلت إلى روح [71 أ] بن زنباع، وكان من أخصّ الناس بعبد [3] الملك، فقالت: أبا زرعة! قد علمت رأي أمير المؤمنين معاوية كان فيك، ورأي يزيد أبي، ورأي أمير المؤمنين، وقد أعجبته هذه الأعرابية فتتأمل في إفساد ذلك عنده، قال: نعم ونعمة عين. ثم خلا بعبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين! كيف ترى الأعرابية؟ قال: قد جمعت ما جمع نساء أهل الحاضرة والبادية. قال: يا أمير المؤمنين! إنك من الأعرابية كما قال الأول:
وإذا يسرّك من تميم خلّة ... فلما يسوءك من تميم أكثر [1] في الأصل: «ألف» . [2] في الأصل: «خلعا» . [3] الأصل: «لعبد» .