الكعبة، وخرجت حلقته، فبادرنا إلى الباب مستعظمين لذلك، منكرين له، ففتحنا الباب، فإذا قريش مزدحمة على درجة الكعبة، فقلت: سبحان الله تفعلون هذا بباب بيت الله؟ فقالوا: أبو الخلفاء من بني هاشم قائم على بابها، وأنت في بطنها، فإذا عليّ بن عبد الله بن عبّاس في وسطهم، وهم حوله، يريد دخوله الكعبة، ففتحت [1] له الباب فدخل ودخلوا، وإنّ والي بني أميّة ما يستترون منه بإعظام عليّ بن عبد الله وتبجيله، ولا أخفوا مقالتهم مخافة أن تبلغه [2] .
عبد الله بن هارون بن موسى قال: حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه محمد ابن عبد الله قال: حضرت عند هشام بن عبد الملك، وفتح البابين، ووضع الغداء فدخل عليه آذنه فقال: يا أمير المؤمنين! بالباب رجل على برذون له، لا يدخل إلّا أن تأذن له. قال: ويلك ومن هو؟ ايذن له، فإذا عليّ ابن عبد الله بن عبّاس، فساعة دخل قام إليه ثم قال: يا معشر قريش قوموا إلى سيّدكم، هذا يرتفع من حيث يتّضع الناس، ثم سأله [63 ب] حوائجه فقضى له أربع حوائج لها قيمة عظيمة، ثم أنشأ هشام [3] يقول:
إن [4] أبصرته قريش قال قائلهم ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
هذا ابن خير عباد الله كلّهم ... هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم [1] في الأصل: «ففتحت» . [2] في الأصل: «أن يبلغه» . [3] الأبيات من قصيدة للفرزدق يمدح بها الإمام زين العابدين علي بن الحسين. انظر الأغاني ج 15 ص 327. [4] في الأغاني: «إذا رأته قريش قال قائلها» .