ثم يذكر سر الاهتمام بها والعودة إليها، فيقول: (لا شكّ أنّ الإحاطة
بآراء العلماء سلفا وخلفا، لهي من أكبر عوامل التوسعة في الفكر والإجالة في النظر
والإنتاج، وبالتالي أكثر توسّعا في العلوم والمعارف والصعود على مدارج الفضيلة
والكمال. هكذا تقدّم العلم وازدهرت معارف الإنسان على طول الزّمان. فلآراء السلف
قيمتها ووزنها في سبيل الرقيّ على مدارج الكمال، ولولاه لتوقّف العلم على نقطته
الأولى، ولم يخط خطواته الواسعة في مسيرته هذه الحثيثة، نحو التكامل والازدهار) [1]
وعلى خلاف هذا الموقف نجد للأسف التفاسير السنية المعاصرة منها والقديمة
لا تكاد تذكر نصا واحدا عن الإمام علي أو سائر الأئمة إلا إذا ورد منقولا من
الرواة المعتمدين لدى المدارس السنية، وهو قليل جدا، بل لا يكاد يذكر [2].
وهكذا نجده في تعريفه بالتفاسير المؤلفة في المدرسة السنية يتعامل معها
بموضوعية وحياد تامين، بل نجده يثني عليها على الرغم من أن الكثير منها يحوي ما
يسيء إلى الشيعة.
ومن الأمثلة على ذلك قوله في التعريف بـ [صفوة التفاسير] (تأليف الأستاذ
محمد
[2] كما عبر عن ذلك
العلامة الكبير الشريف المرتضى في كتابه (الانتصار)، فقال: (فإن قالوا: لو كان ما
تدعيه الشيعة في مذاهب الصادق والباقر حقا لوجب أن نعلمه كما علموه، ويزول الخلاف
فيه منا كما علمت الشيعة بمذاهب سلفنا من أبي حنيفة والشافعي وغيرهما ممن تقدمهما،
قلنا: ليس يجب أن يعلم الأجانب والأباعد من مذاهب العالم ما يعلمه أصحابه وخلصاؤه
وملازموه ومؤانسوه، ولهذا لا نعلم كثيرا من مذاهب أبي حنيفة مما يعلمه أصحابه
والمنتمون إليه فمن هو أخص بالباقر والصادق عليه السلام من أصحابهما وشيعتهما أعلم
بمذاهبهما ممن ليست له هذه الصفة معهما عليهما السلام على أنا لا نعلم كثيرا من
المذاهب التي يدعيها مخالفونا مذهبا لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وتروى عنه،
وتحكي خلاف ما يروون وضد ما يحكمون، فعذرهم في أنا لا نعلم ذلك هو عذرنا في أن لم
يعلموا المذاهب التي تدعيها ونحكيها عن أمير المؤمنين وعلماء أبنائه صلوات الله
عليهم، فليعتذروا بما شاؤا ثم نقول لهم: كيف علمنا صحة ما يحكونه مذهبا لأبي حنيفة
وللشافعي ولم نعلم ذلك في كل ما يدعونه مذهبا لامير المؤمنين صلوات الله عليه
ففرقكم بين الأمرين هو فرقنا بين العلم العام) [الا نتصار (3/ 6)].