ولهذا نرى علما كبيرا ـ مثل العلامة محمد هادي معرفة ـ ينكر بشدة على ذلك
الغلو المرتبط بالإملاء الذي كتب به القرآن الكريم، ويدعو إلى كتابته وفق الإملاء
العادي، حتى يتيسر قراءته على عامة الناس.
يقول في ذلك ـ تحت عنوان [غلوّ فاحش] ـ: (قد يغلو بعض المتزمّتين بالرسم
القديم، فيزعمونه توقيفيا كان بأمر النبي a الخاصّ، ولم يكن للكتبة الأوائل
دخل في رسمه بالهيئة الموجودة، وإنّ وراء هذه المخالفات الإملائية سرّا خفيّا
وحكمة بالغة لا يعلمها إلّا الله) [2]
ثم ينقل عن بعض الصوفية، وهو ابن المبارك قوله عن شيخه عبد العزيز
الدبّاغ أنّه قال: (رسم القرآن سرّ من أسرار الله المشاهدة وكمال الرفعة. وهو صادر
من النبيّ a وهو الذي أمر الكتّاب
أن يكتبوه على هذه الهيأة، فما نقصوا ولا زادوا على ما سمعوه من النبيّ a)
ثم قال: (ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم المصحف، ولا شعرة واحدة، وإنّما
هو توقيف من النبيّ a
وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيأة المدوّنة بزيادة الألف ونقصانها. لأنّها
أسرار لا تهتدي إليها العقول، وهو سرّ من أسرار الله، خصّ الله به كتابه العزيز،
دون سائر الكتب السماويّة، وكما أنّ نظم القرآن معجز، فرسمه أيضا معجز.. وكيف
تهتدي