نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 153
المجاهدة والمرابطة
وهي من الأدوات الضرورية للسلوك، ذلك أن المراتب
الرفيعة لأصحاب النفوس المطمئنة، لا ينالها إلا من هذبوا أنفسهم وأدبوها وملؤوها
بأصناف المكارم؛ فهي من الرفعة بحيث لا يمكن أن ينالها الكسالى، ولا المقعدون، ولا
أصحاب الهمم الدنية، بل هي مخصصة للذين جاهدوا أنفسهم في ذات الله، حتى لانت لهم،
وأصبحت طوع أيديهم؛ لا تحركهم الشهوات، ولا تستفزهم الأهواء.
ولذلك أخبر الله تعالى أن هدايته الشاملة مخصصة للذين
جاهدوا أنفسهم في سبيله، فقال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
وأخبر عن جزاء من عارض هواه وجاهده، فقال: {وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41]
وذلك لا يعارض ما ورد في النصوص المقدسة من رفع
الحرج؛ كما قال تعالى: {طه (1) مَا
أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]، وقال: {مَا يُرِيدُ الله
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]، ذلك أن لكليهما
محله الخاص به.
فمن كان مهذب النفس، طيب الأخلاق، منقادا لأحكام
الشريعة بظاهره وباطنه؛ فإنه لا يشعر بأي حرج في أي عمل يقوم به، ولا يحتاج
لمجاهدة نفسه لذلك، بل إنه قد يتلذذ به، ويشعر بالسعادة أثناء أدائه.
أما من عداه، ممن لم تتهذب نفسه، ولم تتأدب؛ فإنه يحتاج
إلى مجاهدتها إلى أن تستقيم
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 153