نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 304
الله هذه الأمة بسؤالهم، وهم الذين من سألهم ـ وقد سبق في علم الله أن
يصدقهم ويتبع أثرهم ـ أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه
وإلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم
الله به وجعله عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة،
فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم
وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان؛
لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في
علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما،
وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم وقد عهد إليهم
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قبل موته، فقالوا: نحن بعد ما قبض الله عز وجل رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله عز وجل
رسوله a، وبعد عهده الذي عهده
إلينا وأمرنا به مخالفا لله ولرسوله a، فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك وزعم أن ذلك يسعه، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد a وبعد موته، هل يستطيع أولئك ـ أعداء الله ـ أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد a أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه؟
فإن قال: نعم، فقد كذب على الله، وضل ضلالا بعيدا، وإن قال: لا، لم يكن
لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه، فقد أقر بالحجة على نفسه وهو ممن يزعم أن الله
يطاع ويتبع أمره بعد قبض رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وقد قال الله ـ وقوله الحق: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي
اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]، وذلك ليعلموا أن الله يطاع، ويتبع
أمره في حياة محمد a،
وبعد قبض الله محمدا a، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمد a أن
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 304