كنت مهموما حين زارني هذا المرة ـ ككل مرة، من غير ميعاد ولا استئذان ـ
قال لي: تبدو على سحنات وجهك هموم الحزن القاتل.
قلت: ومن لا يهتم في هذا الزمان؟
قال: ألا تعلم أن الهم عدو السلام؟
قلت: ومن لي بأن لا أهتم.. وهل أمري بيدي؟.. إنما أنا كعصفورة عصفت بها
الرياح، فلما هدأت سقطت في شباك أطفال يسومونها سوء العذاب، فإن نجت منهم، هم بها
نسر ليطعمها أصغر أولاده.
قال: نعم.. لك أن لا تهتم.
قلت: كيف؟
قال: بعلم السلام.. أنسيت أني معلم
السلام.
قلت: وما علاقة ما أنا فيه بالسلام؟
قال: ما سبب همك؟
قلت: رأيت اليوم مشهدا فتت قلبي
واعتصره، فذرفت من دمعي أنهره.
قال: وما رأيت؟
قلت: رأيت فقيرا مكسور الجناح.. هو
تماما كالعصفورة التي حدثتك عنها، ولكني مع ذلك لم أحزن لهذا.. إنما حزنت على شللي
بين يديه، فلم أستطع أن أقدم له أو أؤخر.. ومع ذلك لم أحزن لهذا.. إنما حزنت