في صباح جميل في مدائن الغنى، قمت
بصحبة معلم السلام لنبحث عن كنوز الفقراء.
كانت المدينة جميلة، كل ما فيها
هادئ وقوي ومثير.. أرى الناس، وكأني لا أراهم، أحيانا يخيل إلي أنها خالية، وأحيانا
أراها مكتظة لا يكاد المار يستطيع أن يسير في شوارعها.
لم تكن هناك أي رائحة للجوع، ولا أي
رائحة للتخمة، ولم أر مع طول سيري في شوارعها متسولا واحدا، ولا فقيرا واحدا.
فتعجبت، وسألت معلم السلام: ألسنا
نبحث عن كنوز الفقراء؟
قال: بلى، ذاك ما خرجنا من أجله.
قلت: فأين الفقراء، فإني لا أبصر
إلا الأغنياء، أهم يزاحمون الفقراء كنوزهم في هذه الدار أيضا؟
قال: بل الفقراء هم الذين يزاحمون
الأغنياء كنوزهم، فلذلك لا تراهم هنا.
قلت: لو أذنت لي لأحضرت معي عمي،
فهو فقير جدا قد عضه الفقر بنابه.
قال: لقد صحت فيه وفي أمثاله منذ
آلاف السنين، فأبى الدخول إلى هذه المدائن، أتدري ما يقول الناس عن هذي المدائن؟
قلت: وما يقولون، شأني معهم تشويه
كل نعمة، وإفساد كل صالح.
قال: يضحكون منها، ويستهزئون بها، ويسخرون
من أهلها.