نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 27
تنتزع المدينة
عنوة بحد السيف من أيدي المسلمين لا عن طريق التذلل التي توسل بها الإمبراطور إلى
الملك الكامل، وكانوا يرون أن استيلاء الصليبيين على المدينة دون استيلائهم على
مقدسات المسلمين أمر مرفوض لا تقبل به نفوس الفرنجة الأبية، وذهبت فئة صليبية أخرى
إلى القول إن الحصول على القدس من دون استعادة الكرك والشوبك والأردن لا قيمة له،
ولو كان هذا مقبولاً لقبل الصليبيون ما عرضه عليهم المسلمون أيام حصار دمياط)[1]
وقد وصف قبل ذلك
دور صلاح الدين في إعادتها للصليبيين، بعد أن حررها منهم؛ فقال: (إذا كان تنافس
أبناء صلاح الدين في شأن المُلك دفعهم للبحث عن مهادنة الفرنجة في فلسطين، وأدى
أحياناً إلى محاولة الاستعانة بهم للتصدي بعضهم لبعض، فإن الأمر بلغ ذروة غير
مسبوقة في عهد الملوك من أبناء الملك العادل الأيوبي، إذ لم تقتصر علاقتهم
بالفرنجة الجاثمين على أرض فلسطين ولبنان وسوريا على المسالمة والمهادنة فحسب، بل
تعدت ذلك أيضاً إلى التخلي عن فريضة الجهاد ضد الأوروبيين الغزاة، والتي لولاها
لما وضعوا التيجان على رؤوسهم وتربعوا على عروش مصر وبلاد الشام، إذ بات أبناء
الملك العادل وورثة عرشه يرون في الفرنجة قوة سياسية إقليمية لا يتورعون عن
مهادنتها والتحالف معها مقابل تنازلات إقليمية من دار الإسلام، إما ثمناً للحفاظ
على عروشهم وكراسيهم، وإما تعززاً بهم لتصفية الحسابات الصغيرة فيما بينهم، وإما
لتحقيق مطامح إقليمية في دول بعضهم البعض)[2]
أظن أن هذه
الاقتباسات من المصادر التاريخية المعتمدة لدى عشاق صلاح الدين والمطالبين بعودته
وحدها كافية لإعادة الوعي، وترك ذلك التغني بالأمجاد الكاذبة، بل ذلك
[1]
فلسطين في العهدين الأيوبي والمملوكي، خليل عثامنة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية،
ص137.