نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 139
هل كان دخول المسلمين
إلى الأندلس فتحا؟
اعذروني على هذا السؤال؛ فهو إن
لم يكن وجيها بالنسبة لكم، فهو وجيه بالنسبة لي، لأني لا أحب أن أسمي الأشياء بغير
أسمائها، ولا أحب أن ألقى الله وأنا أكذب عليه، ولا أحب أن أجلس بين الناس مسلمين
وغير مسلمين، وأحدثهم عن أمجاد الأندلس، وفي نفس الوقت أشعر بأني أمارس كل أنواع
التضليل والخداع، ولا أحب أن أردد تلك المقولة التي وصلتني كما وصلت إلى آذانكم،
والتي يخاطب فيها ذلك القائد ـ الذي يسمونه فاتحا ـ المحيط الأطلسي قائلا له: لو
أعلم أن هناك أرضا خلفك لسرت إليها بجيوشي حتى أفتحها.
وطبعا لم يكن في ذلك الحين يعلم
بوجود أمريكا.. ولكنه كان يعلم بوجود إفريقيا.. وأنها أرض يمكن أيضا أن تفتح، من
دون أن يغرق أحد في مستنقعاتها، ذلك أنه لم يكن فيها إلا أرضا مستوية، وسكانا
بسطاء.. وكان المسلمون في ذلك الحين قادرين على أن يفتحوها جميعا، وعلى بكرة أبيها
من غير جيوش جرارة، ولا عدد ولا عدة.. بل كان يمكنهم أن يحولوها قارة إسلامية من
شمالها إلى جنوبها، لو أنهم جمعوا تلك الأموال التي صرفوها على قصور الملوك
والأمراء، وأرسلوا بها مع جيوش من الصالحين التقاة الذين يحملون الحجة لا السلاح،
والسلام لا العنف.
وهكذا كان يمكنهم أن يفتحوا
أوروبا جميعا، لا الأندلس فقط.. كان في إمكانهم أن يفتحوها من غير سيوف، وأن
يتركوا فيها من الأثر ما تركه أولئك التجار البسطاء في الهند والسند وأندونيسيا
وماليزيا والصين.. والتي دخل مئات الملايين منها من غير أن يسمعوا صليل السيوف،
ولا سنابك الخيل.
لكن الأندلس التي بقي فيها
المسلمون ما يقارب ثمانية قرون.. وخرجوا منها بعد ذلك، وهم يجرون أذيال الخيبة لم
يفعلوا فيها شيئا.. سوى أن تركوا سمعة سيئة، وشوهوا
نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 139