تحاول هذه
السلسلة أن ترد بطريقة علمية ومنهجية على ما أدخل على الإسلام من تحريفات شوهت
قيمه الرفيعة، ومعانيه النبيلة، وألصقت به الكثير من التهم التي كانت حجابا بين
أكثر البشر واتباعه.
وقد نص القرآن
الكريم على هذا، فذكر أن الشيطان وإن يئس من أن يقضي قضاء تاما على الدين الحقيقي،
فإنه لا ييأس من استغلال رجال الدين لتحريفه وتبديل القيم التي جاء بها، وتحويلها
من قيم إلهية ممتلئة بالجمال، إلى قيم بشرية ممتلئة بالضلال، كما قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ
لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا
كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: 79]، وقال:
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ
وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران:
187]
وذكر سبب ذلك،
وهو اتباع الأهواء، والركون إلى الدنيا، وإلى أهلها، طلبا لما عندهم من الأموال
والجاه، كما قال تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا
مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 34]
وهذه الآيات
الكريمة لا تخبر فقط عن الانحراف الواقع في الأديان السابقة، بل تحذر من وقوعها في
الإسلام، كما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لأنا
من غير الدّجّال أخوف عليكم من الدّجّال) فقيل: وما ذلك؟ فقال: (من الأئمّة
المضلّين)[1]، وقال: (يكون في آخر الزّمان عبّاد جهّال وعلماء
فسّاق)[2]،
وقال: (هلاك أمّتى عالم فاجر وعابد جاهل وشرّ الشّرار شرار
[1] مسند أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل،
دار الفكر، بيروت 1/98 (765)
[2] المستدرك على الصحيحين، الحاكم
النيسابوري، محمد بن عبد الله، بيروت،لبنان، دار الكتب العلمية، ط2، 1422هـ/2002م،
(4/351، رقم 7883)