الحديث عن عددهم من غير بينة رجما
بالغيب، وهو من أعظم الكذب والزور والبهتان.
وهكذا الأمر عندما ذكر مدة لبثهم في
الكهف، كما قال تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ
وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 25، 26]
وهكذا الأمر في كل الحقائق التي مصدرها
الخبر، فلا يكفي فيها النقل من أي كان، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
[الحجرات: 6]
وهذه الآية الكريمة تشير إلى ناحية
خطيرة تتعلق بالأحداث التاريخية، وهي ما عبر عنه القرآن الكريم بـ ﴿أَنْ
تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾،
فالأحداث التاريخية تنشأ عنها مواقف، وتلك المواقف يحاسب عليها الإنسان، لأن الظلم
واحد سواء للحي أو للميت.
ولو طبقنا هذه الآية على روايات تلك
المجزرة، والتي عرفنا مدى التدليس الذي نقلت به، لعرفنا مدى الظلم الذي نحكم به
على أقوام من الناس أولهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم باتهامه في عدله ورحمته وعدم
تحكيمه لكتاب ربه ورغبته عنه إلى تحكيم التوراة، وآخرهم بنو قريظة الذين صورناهم
بصور أعظم من صورة كل المجرمين الذين حاربوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ومع ذلك
لم يفعل لهم شيئا ابتداء من قريش وانتهاء بالمنافقين.
ثانيا ـ نرى أن الحكم الشرعي الذي طبق
على بني النضير وبني قينقاع هو نفسه الحكم الذي طبق على بني قريضة، وهو الجلاء،
وهو حكم إلهي نطق به