وهذا يدل على أن
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم كان يتعامل مع اليهود جميعا باعتبارهم أمة
واحدة، ولذلك يطبق عليهم قانونا واحدا، بل في الرواية ما يدل على أن بني قريظة
كانوا محتقرين من طرف اليهود، ولعل ذلك من أسباب ما لفق من روايات تلك المجزرة.
وعندما نطبق هذه
النصوص جميعا على معاملة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لليهود
أو لغيرهم، نجد أنواعا من الخلل المرتبط بالمساواة، يمكن التعرف عليها بسهولة من
خلال استعراض موقف رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من
القبيلتين اللتين قامتا بنفس الخيانة، وربما بما هو أكثر منها، وهما بنو النضير وبنو
قينقاع.
أ ـ حكم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في بني النضير:
وهي الغزوة التي حدثت في السنة الرابعة
للهجرة في منازل بني النضير جنوب المدينة المنورة بين المسلمين ويهود بني النضير،
والخيانة التي قامت بها هذه القبيلة اليهودية أكبر بكثير من خيانة بني قريظة.
ذلك أن سببها ـ باتفاق المؤرخين ـ محاولة
يهود بني النضير اغتيال الرسول a، عندما جاءهم طالباً مساعدتهم في
دية قتيلين، بالإضافة لاتصالهم بالمشركين والمنافقين، واستعمالهم كل الوسائل لإذية
المسلمين بما فيها تلك الحادثة الأليمة المعروفة بوقعة الرجيع، ومأساة بئر معونة
التي قُتل فيها سبعون رجلاً من كبار الصحابة في كمين غادر للمشركين وحلفائهم
اليهود.
قال ابن إسحاق عند ذكره لبعض جرائمهم: (ثم
خرج رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتل
عمرو بن
[1] رواه أبو داود 3 (3591) ، وقال
الألباني في صحيح أبي داود (3062) : حسن صحيح الإسناد، وهو في النسائي برقم (4733)
، وذكره الألباني في صحيحه أيضا..