وفي حديث آخر عن
خولة بنت قيس ـ امرأة حمزة بن عبد المطلب ـ قالت: (كان على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وَسق من تمر لرجل من بني ساعدة، فأتاه يقتضيه، فأمر
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم رجلاً من الأنصار أن يقضيه، فقضاه تمراً دون
تمره فأبى أن يقبله، فقال: أتردُّ على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: نعم ومن أحق بالعدل من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فاكتحلت عينا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بدموعه ثم قال: (صدق، ومن أحق بالعدل مني؟ لا قدّس
الله أمةً لا يأخذ ضعيفها حقّه من شديدها، ولا يتعتعه)[1]
فهل يمكن لهذا
الرسول العظيم a، وهذه حاله مع هذه القضايا البسيطة أن يفرط
في العدل المرتبط بقتل النفوس، وخاصة نفوس الشباب الذين لا ناقة لهم في الحرب ولا
جمل، ومن دون أن يحقق معهم، ليعرف مواقفهم، بل يقدم رؤوسهم إلى المقصلة لمجرد
كونهم أنبتوا، كما تقول الروايات المدلسة، التي لم تهدف إلا للإساءة للإسلام،
ولرسوله العظيم.
بناء على هذه
نحاول في هذا المبحث أن نذكر معارضة الروايات الواردة في المجزرة لقيمة العدل
الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة القطعية، وذلك عبر العناوين التالية:
1 ـ سواسية الناس أمام القانون:
لعل أول اختبار
يختبر به من يدعي العدالة هو التعامل مع كل الناس وفق قوانين واحدة، من دون تفرقة
بينهم، وعلى أي أساس، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]
وفي هذا المعنى
وردت النصوص الكثيرة التي تعتبر الفخر والخيلاء وكل أصناف التفرقة عنصرية جاهلية
لا علاقة لها بالإسلام؛ ففي الحديث قال a: (قد
أذهب الله عنكم
[1] رواه الطبراني في (الكبير) (24/
233)، والطحاوي في (شرح المشكل) (11/ 104)