وأما الأنصار، فيقولون: قد عم بها رسول
الله a؛
فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم
فيهم، فقال سعد بن معاذ: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، أن الحكم فيهم لما حكمت؟
قالوا: نعم: وعلى من ها هنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو معرض عن رسول
الله a
إجلالا له، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: نعم، قال سعد: (فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى
الذراري والنساء)[1]
والملاحظات التي يمكن توجيهها لهذه
الرواية وأمثالها من الروايات التي يعتمد عليها من يدافعون عن هذه المجزرة كثيرة
منها:
الاعتراض الأول:
أن الرواية تدل على خفاء الحكم على
الجميع، وأن سعد بن معاذ فاجأهم به، بدليل أن قومه كانوا يطلبون منه أن يرأف بهم،
لكنهم لم يعدهم بشيء حتى نطق بالحكم، وهو نفس ما رووه في قصة أبي لبابة، الذي
ذكروا أن ما قام به من الدلالة على الحكم الذي ينتظرهم خيانة لله ورسوله.
فقد حدث ابن إسحق قال: ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، أخا
بني عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس، لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إليهم، فلما رأوه
قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم، وقالوا له:
يا أبا لبابة! أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه، إنه
الذبح، قال أبو لبابة: فول الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت