القلوب، لا لإفادة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
الذي أغناه الله بالوحي عن كل مصدر خارجي، ولذلك ذكرت الشورى في معرض رحمة رسول
الله a وتأليفه لقلوب أصحابه، قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ
حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]
ولذلك فإن ما رواه ابن إسحق وغيره من
رفض رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم تطبيق ما طالب به القرظيون من تطبيق الأحكام السابقة على اليهود عليهم،
وتكليفهم باختيار من يحكم فيهم، يتنافى مع كل النصوص السابقة من حاكمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
للأمة في حياته وبعدها، وحاكمية القرآن الكريم باعتباره دستورا يتحاكم إليه
الجميع.
ولنفرض أن بعض بني قريظة هم الذين
اختاروا سعدا ليحكم فيهم؛ فلماذا يطبق الأمر على الجميع، وخصوصا أولئك الشباب
اليافعين البسطاء الذين ربما لم يكونوا يعلمون ما فعله كبارهم؟
ولنفرض أنهم اختاروا شخصا آخر غير سعد،
وأنه حكم فيهم بمثل ما حكم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على قريش، وجعلهم من الطلقاء،
فهل يرفض رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك الحكم؟ وحينها يصبح التحاكم نوعا من الحظ لا
علاقة له بالقانون، ولا بمطبق القانون، وهو ما يتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية؛
فكيف بالشريعة الإلهية العادلة؟
ولهذا؛ فإن القراءة المتمعنة لتلك
الروايات، وتطبيقها على ما ورد في القرآن الكريم من حكم الخونة، أو ما ورد مثله في
الغزوات الأخرى يشكل دليلا قويا