بن معين؟ قال:
نعم. قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما تحققته إلا الساعة. فقال له يحيى
بن معين: كيف علمت أني أحمق؟ قال: كأن ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد ابن حنبل
غيركما. قد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. فوضع أحمد كمه على وجهه
وقال: دعه يقوم. فقام كالمستهزىء بهما)[1]
2 ـ المجزرة.. وظاهرة الوضع:
وهي ظاهرة
مرتبطة بالقصاصين، وأحيانا تنفصل عنهم، حيث يكون الكذب والوضع لا من القاص الذي
يجلس إليه عوام الناس فقط، وإنما من المحدث المعلم الذي يجتمع إليه الرواة،
والمحدثون، وهي ظاهرة أخطر بكثير من ظاهرة القصص، ذلك أنها لا ترتبط بالعوام فقط،
وإنما تضيف إليهم الخاصة من العلماء وطلبة العلم.
وربما يكون
انتشارها بهذا الشكل بسبب فضيحة القصاصين، وتنفير العلماء منهم، ولذلك لجأ البغاة
إلى وسيلة أخطر، وهي تشجيع الرواة الذين يبدو على ظاهرهم الصلاح، ولكنهم لا
يتورعون من الكذب، كما أشار إلى ذلك يحيى بن سعيد القطان حين قال: (ما رأيت الكذب
في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد) [2]
ومثله قال الإمام
مالك بن أنس الذي كان يعتبر ابن إسحق وغيره من رواة مجزرة بني قريظة من القصاص الكذابين
الوضاعين: (أدركت بهذه البلدة أقواما ً لو استسقى بهم المطر لسقوا قد سمعوا العلم
والحديث كثيرا ً ما أخذت عن أحد منهم شيئا، إنهم كانوا قد ألزموا أنفسهم خوف الله
والزهد، وهذا الشأن – أي الحديث النبوي الشريف – يحتاج إلى رجل معه تـُقى وورع وصيانة وإتقان وعلم
وفهم، فيتعلم ما يخرج من رأسه وما يصل إليه غدا ً.
[2]اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، عبد
الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، المحقق: أبو عبد الرحمن
صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1996م،
2/248.