نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 388
وبناء على هذا، فإن أسلوب الطرق الصوفية في تعاملها
مع الجمعية كان ألين بكثير من أسلوب الجمعية مع الطرق الصوفية، وقد سبق ذكر
الأمثلة الكثيرة على ذلك، بل سبق أن ذكرنا كيف وصف الشيخ ابن باديس تعامل الشيخ ابن عليوة معه، وكيف أشاد بتلك المعاملة.
وأبسط مقارنة في هذا بين التوجه الصوفي والتوجه
السلفي هو الموقف من قوله a: ( افترقت
اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة،
كلّها في النار إلاّ واحدة، وهي ما أنا عليه وأصحابي)[1] ،والذي يتعلق به الاتجاه السلفي كثيرا، بل على أساسه يحكم على سائر
الطوائف والفرق.
بينما نجد الشيخ ابن عليوة والصوفية عموما ينظرون إليه نظرة مغايرة،
فقد سئل الشيخ ابن عليوة عن الحديث، فقال: (إنّ هذا الحديث ممّا
يقضي على الأمّة المحمديّة بالهلاك، مهما فهمناه حسبما فهمه أغلب المفسرين، لأنّه
صريح في نجاة جزء من ثلاث وسبعين جزءا من الأمّة المحمديّة، وعليه فالمرجو من الله
والموافق لرأفة رسول الله a بالمؤمنين،
أن نحمل ذكر الأمّة في الحديث على أمّة الدعوة، لا على أمّة الإجابة، لقوله a: ( أنا رسول من أدركته حيّا، ومن لم يولد بعدي)[2]، ويتضح لك المعنى من أنّ الأمّة هنا المراد بها أمّة الدعوة، لقوله a: ( من كان آخر كلامه في الدنيا لا إله إلاّ الله دخل
الجنّة )[3]، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ } [النساء: 48] وغير هذا، ومن المعلوم أنّ أمّة الإجابة لم تعدم حظها من
توحيد الله، والإقرار برسالة رسول الله a وإن تفرّقت من حيث الفروع فأصلها ثابت، وشفاعته a محيطة بمن انتسب إليه، كيفما كان،
[1] ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجة، مكتبة أبي المعاطي، (5/ 128)
[2] مع اجتهادي في البحث عن
تخريج الحديث إلا أني لم أجده.