نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 181
اطلعنا على تراثهم من رجال الجمعية يمكن اعتباره
أكثرهم اعتدالا، وأحسنهم أدبا مع المخالف.
بل إني أشعر – من غير أن أستطيع إثبات ذلك بدقة – أن الشيخ عبد الحميد بن باديس كان معرضا لضغوط من طرف المتشددين من
رجال الجمعية الكبار، والذين كان يحرص على إرضائهم، ولذلك كان يظهر أحيانا بصورة
المتشدد، فلذلك كانت لغته في الخطاب مع المخالف أكثر لينا بكثير من مثيلاتها من
سائر رجال الجمعية.
والذي قد يشير إلى هذا، إن لم يصح
اعتباره دليلا ما ذكره الشيخ أحمد
حماني عند حديثه عن الشيخ الطيب العقبي الذي كان في ذلك الحين – بسبب قدراته الخطابية – لا يقل شهرة عن ابن باديس، فقد قال: (كان أحد أقطاب الحركة
الإصلاحية، وكتابها النابهين، وكان يميل في أسلوبه إلى الشدة والعنف والصراحة
المريرة، بينما كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يجنح نوعا ما إلى الأخذ بالرفق واللين
والدعوة بالتي هي أحسن، ويعز عليه ما وصلت إليه الحال بين كتاب الطرفين، وبعد 18
عددا من المنتقد ومثلها من الشهاب نشر الأستاذ ابن باديس في عدد الشهاب 19 مقالا تحت عنوان: (في سبيل الوفاق
والتفاهم) قال عنه ابن باديس في عدد 75 (أردنا به جمع الكتاب على نقطة
خاصة من الإصلاح وإيقاف ذلك التيار القوي من الكتابة الإصلاحية) ولكن هذه الدعوة
لم ترق بعض الكتاب، وعلى رأسهم ــ فيما يقول الشهاب ــ العلامة المصلح الشيخ العقبي لأنه عده تحجيرا تاما ومنعا صريحا لكل
كتابة في الإصلاح الديني، أو ما حام حوله، وبقي الأستاذ العقبي مصرا على المقاطعة والامتناع التام عن
الكتابة، ولم يقتنع بما ذكره الشهاب من مبررات، فاضطر الشهاب إلى زيادة بيان في مقال آخر نشره تحت
عنوان (في سبيل الدعوة والرشاد)، ودعا الكتاب المصلحين إلى العودة (للكتابة في نقد
الدحل والدجالين، وأنه لم ولن يحجر على الكتاب الخوض في نقد أعمال الطرقيين، وإنما
أوقفنا ذلك التيار القوي حيث رأينا أنه بلغ حده، ووصل إلى منتهاه )[1]