السبب الثاني: أن الكثير من أعضاء الجمعية تغيرت مواقفهم لأسباب
مختلفة، وبالتالي يمكن اعتبارهم في مرحلة من المراحل ضمن المتشددين، وفي مرحلة
أخرى ضمن المعتدلين، والعكس صحيح، ونحب أن نذكر لهذا مثالين، أحدهما عن انقلاب
المعتدلين إلى متشددين، والثاني عن انقلاب المتشددين إلى معتدلين:
المثال الأول: نشرت جريدة الشهاب في العدد 82 الصادر يوم
الخميس 30 رجب 1345 هـ/ 3 فيفري 1927 م، استفسارا وتساؤلا من مواطن رمز لنفسه باسم
(مستبين) تحت عنون: (طلب الحقيقة)، ومما جاء فيه: (.. منذ اجتماع العلويين في جامع
سيدي رمضان ونحن في حيرة والتماس حقيقة مما صدر من أحد أعيان العاصمة وهو الشيخ
محمد الشريف الزهار الإمام بجامع جده (رضي
الله عنه) من وقوفه بذلك المحفل وإلقائه لتلك الخطبة التي كادت أن تنشق لها
السموات ومدحه لذلك الشيخ[2] مدحا مفرطا أدهش الحاضرين، ودونك أيها القارئ ملخص قوله:
(أيها السادة إني قد كنت قبل الاجتماع بهذا الرجل العظيم أنكر عليه أقواله وأفعاله
واقدح فيه وأسبه وأقول لأتباعه: إن شيخكم لَّدعي زنديق بل كافر، وما أشبه ذلك
والآن لما اجتمعت به، والحمد لله فقد ظهر لي ما كان خافيا عني من الأسرار
والأنوار، وها أنا تائب مما قلته واشهد انه ولي كامل زاهد... الخ)، فبالله متولي
السرائر هل كانت حقيقة اعتقادك أيها الإمام في ذلك القطب ما فهمت به الجمهور، أم
كان نطق لسانك مغايرا لجنانك فأصدقنا أرشدك الله حتى ترتفع عنا الحيرة وننجو من
الوقوع في المحذور اقتداء بك حيث كنت إمام مسجد شريفا بل نقيب الأشراف، وابن عائلة
[1] كمثال على ذلك انظر:
الزاهري؛ هل كان الشيخ التيجاني وهابيا؟ حقائق من التاريخ لا يعلمهن كثير من الناس. الصراط. ع7.
س1. 30-1933 - 10. ص 4.