فمن مصاديق الفتح في هذه الآية ـ وبحسب التفسير القرآني الذي
هو أهم التفاسير وأدقها وأصحها ـ فتح مكة، أو الفتح الذي حصل بعد صلح الحديبية،
حيت أسرع الكثير إلى الإسلام لا قناعة به، وإنما بسبب انتصاراته، فأسلموا رغبة أو
رهبة، ولم يسلموا قناعة وإذعانا.
وللأسف فإن الكثير من الأمة تبنى أولئك الذين أسلموا بعد
الفتح، أو بعد صلح الحديبية أكثر مما تتبنى غيرهم من السابقين، مع أن الله تعالى
أشار في القرآن الكريم إلى الفرق الكبير بينهما.
وبناء على هذا يجتهدون في نفي ارتباط الآيات الكريمة بفتح
مكة مع ورود الكثير من الروايات عن السلف الذين يعتمدونهم في الدلالة على ذلك، وقد
قال ابن كثير معبرا عن هذا: (.. ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد
النجعة، وأخطأ فأفحش، فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله a إسلام الطلقاء، وقد كانوا قريبا من ألفين، ولو
كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم)[1]
وهذا تبرير عجيب، فرسول الله a كان يقبل إسلام أي كان من غير بحث في باطنه،
ولذلك قبل إسلام المنافقين، وتعامل معهم كما يتعامل مع المسلمين أنفسهم، مع علمه
بباطنهم، وبكفرهم، بل بكونهم أشد كفرا من الكفار الصرحاء أنفسهم.
ومشكلة هؤلاء هي أنهم يتصورون أن قريشا لا يمكن أن تنافق..
وأن النفاق خاص بالأوس والخزرج، فلذلك يذكرون أن عبد الله بن أبي بن سلول نافق
عندما دخل رسول