نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 193
ایتا
الحکمه
من مواهب الله تعالى لعباده
لتحفيزهم للسير إليه، وإعانتهم على ذلك، ما يمكن تسميته [إيتاء الحكمة]، وأقصد بها
ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ
مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا
يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (البقرة:269)، فقد أخبر الله تعالى
فيها أن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.
وأخبر كذلك أن إيتائه الحكمة مرتبط
بمشيئته، ومشيئته تابعة لعدله ورحمته؛ فلذلك لا توضع إلا في محالها الصحيحة، ومن
حُرم منها لم يحرم بخلا ولا شحا، وإنما لكونه لم يمد يده لطلبها، ولم يؤهل قلبه
لتنزلها.
ومثلما ذكرت
لك في كل المواهب السابقة بأن تنزلاتها تختلف درجاتها باختلاف صفاء المرائي التي
تتنزل عليها؛ فهكذا الحكمة؛ فكلما كانت تربة النفس طاهرة مطمئنة كلما كان مطر
الحكمة مغدقا.. لينبت بعد ذلك بكل ألوان الثمار الطيبة.
وإلى هذا
يشير قوله a: (من أخلص لله أربعين يوما ظهرت
ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)([152])
ومثله ما ورد
في حديث آخر يقول فيه a: (من
أكل الحلال أربعين يوما نوّر اللّه قلبه، وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)([153])
فكلاهما يشير
إلى أن تنزل الحكمة يقتضي توفير المحل اللائق بها، والذي قد يكون للزمن دوره فيه
حتى تجهز النفس لاستقبال تلك الأنوار العظيمة التي لا تستطيع النفوس
[152] رواه
الحسين بن الحسين المروزي في زوائده في كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك، وأبو
الشيخ ابن حبان وغيره.