ولذلك فإن كل معايير الجمال التي نراها في الدنيا ترتفع هناك، حيث تصبح [صبغة
الله] هي المتحكم في ألوان ذلك العالم؛ فمن صبغ في الدنيا نفسه بصبغة الله، واكتفى
بها، ولم يخلطها بأي ألوان أخرى، سيكون ملك جمال ذلك العالم، أما من عداه، فهو
ممتلئ بالكدورة والغشاوة والغبرة.. لأنه حرف حقيقته وصورته.. ولذلك رأى نفسه هناك
بصورته الحقيقية التي كان يسترها في الدنيا بألوان الطلاء.
بل إن النصوص المقدسة تشير إلى أن الأمر أخطر من ذلك؛ فهو لا يرتبط
بالألوان فقط، وإنما بالماهيات أيضا.. ذلك أن من حافظ على صبغته الإنسانية في
الدنيا، والتي لا يمكن تحققه بها إلا بإسلامه لله، ستبقى له في الآخرة، وستظهر
بصورة أجمل وأكمل، أما من تحول عنها؛ فراح ينافس البهائم والسباع؛ فإنه سيُحشر على
صورها، كما يصطبغ بصبغتها.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾
[التكوير: 5]، وقوله:
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 116