نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 58
إليه
السهام من الجوانب، أو هو مثال مرآة منصوبة تجتاز عليها أصناف الصور المختلفة،
فتتراءى فيها صورة بعد صورة ولا تخلو عنها، أو مثال حوض، تنصب فيه مياه مختلفة، من
أنهار مفتوحة إليه، وإنما مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب في كل حال، أما من
الظاهر فالحواس الخمس، وأما من الباطن فالخيال والشهوة والغضب، والأخلاق المركبة
من مزاج الإنسان، فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب، وكذلك إذا
هاجت الشهوة مثلا بسبب كثرة الأكل، وبسبب قوة في المزاج، حصل منها في القلب أثر،
وإن كف عن الإحساس. فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى، وينتقل الخيال من شيء إلى
شيء، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال آخر، والمقصود أن القلب في
التغير والتأثر دائما من هذه الأسباب) ([90])
وذكر
سبب إقبال النفس على مصدر الظلمات، وابتعادها عن مصدر النور، فقال: (القلب بأصل
الفطرة صالح لقبول آثار الملك، ولقبول آثار الشيطان، صلاحا متساويا ليس يترجح
أحدهما على الآخر، وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى، والإكباب على الشهوات،
أو الإعراض عنها ومخالفتها. فإن اتبع الإنسان مقتضى الغضب والشهوة ظهر تسلط
الشيطان بواسطة الهوى، وصار القلب عش الشيطان ومعدنه، لأن الهوى هو مرعى الشيطان
ومرتعه. وإن جاهد الشهوات ولم يسلطها على نفسه، وتشبه بأخلاق الملائكة عليهم
السلام، صار قلبه مستقر الملائكة ومهبطهم. ولما كان لا يخلو قلب عن شهوة وغضب،
وحرص وطمع وطول أمل، إلى غير ذلك من صفات البشرية المتشعبة عن الهوى، لا جرم لم
يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة) ([91])