نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 418
الْعِزَّةُ جَمِيعًا &﴾ [فاطر:
10]
ولذلك فإن عزة غيرهم عزة وهمية، سرعان
ما تزول عنهم، بل هي زائلة لا محالة ذلك أنهم لا يتعلقون منها إلا بالسراب والوهم،
قال تعالى عن المنافقين الذين زعموا لأنفسهم العزة: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ
رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ
لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]
وبذلك فإن كل من له حظ في الإيمان له
حظ من العزة، وهي تشتد وتقوى بحسب درجة الإيمان والسلوك، ولهذا كانت العزة الخاصة
بأصحاب النفوس المطمئنة من أرفع الدرجات وأزكاها، ذلك أن صاحبها قد ترفع عن كل ما
يحول بينه وبين ربه.
وقد قال بعض الحكماء معبرا عن ذلك: (من
أراد عز الدارين فليدخل في مذهبنا هذا يومين) فقال له القائل: كيف لي بذلك؟ قال: (فرق
الأصنام عن قلبك، وأرح من الدنيا بدنك ثم كن كيف شئت، فإن اللّه لن يدعك، فإن جاءك
شي ء من الدنيا بعد فلا تنظر إليه بعين الرغبة، ولا تصحبه بالرهبة، ولا تجلس معه
إلا بالواجب العلمي في صرفه وإمساكه، وإن طلبت شيئا من ذلك يوما فاشهد طلب اللّه
لك في طلبك له فإنك مطلوب بالطلب، فإن خرج لك الطلب منه مخرج الرضاء فادخل، ولا
تعلق قلبك بالظفر به، فإنك لا تدري أتصل إليه أم لا؟ وإن وصلت إليه فلست تدري ألك
هو أم لغيرك؟ فإن كان لك فلست تدري أفيه الخير أم فيه الشر؟ وإن كان لغيرك فليس لك
به علم، هل هو لحبيبك أم لعدوك؟ وعلى الجملة: كيف يسكن القلب إلى موهوم تتصور فيه
هذه الوجوه كلها وأكثر من ذلك، فاطلبه وأنت متعلق باللّه وناظر إليه، واستعمل
الشكر إذا ظفرت به، والصبر والرضا إذا لم تظفر، بل الثناء على اللّه أجمل، لأنه لم
يمنعك عن بخل وإنما منعك نظرا لك، فإذا منعك ذلك فقد أعطاك ولكن لا يفقد العطاء في
المنع إلا الصديقون، وإن خرج بك الطلب من
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 418