وقال آخر: (العالم إذا كان
عليما ولم يكن عفيفا كان ضرره أشدّ من ضرر الجاهل)([881])
إذا عرفت هذا ـ أيها
المريد الصادق ـ فاعلم أن من أهم موارد العفة ومجالاتها التي ورد الحض عليها في
النصوص المقدسة: العفة المرتبطة بالأعراض، والعفة المرتبطة بالأموال.. وكلاهما
ركنان أساسيان لا تستقيم الحياة إلا بهما.
عفة الأعراض:
أما أولهما، وهو العفة عن
الأعراض؛ فهو من الأخلاق التي ترفع الإنسان عن عالم البهائم والحيوانات، وتجعله
إنسانا مكرما نزيها ممتلئا بالنظافة، ولهذا ورد النهي الشديد عن كل ما يتسبب في
الإخلال بهذه العفة، سواء من جانب ممارسة الرذيلة، أو من ناحية إشاعتها ونشرها،
والحديث عنها، والدعوة إليها.
بل إن القرآن الكريم خص
العفاف بمنظومة كاملة من الأحكام والقيم التي تضمن ممارستها لا للفرد وحده، وإنما
للمجتمع جميعا، ومن ذلك ما ورد من الأحكام في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي
الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى
عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ
مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ