نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 308
يا عائشة؟) فقلت:
يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت، فرأت فراشك، فذهبت، فبعثت إلي بهذا الفراش،
فقال: (رديه)، قالت: فلم أرده، وقد أعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال ذلك مرات،
فقال: (رديه يا عائشة، فوالله لو شئت لأجرى الله معي الجبال ذهبا وفضة)([687])
وعنها قالت: اتخذت
لرسول الله a فراشين حشوهما ليف وإذخر، فقال: (يا عائشة ما لي
وللدنيا، إنما أنا والدنيا بمنزلة رجل نزل تحت شجرة في ظلها، حتى إذا فاء الفئ
ارتحل، فلم يرجع إليها أبدا)([688])
وهكذا كانت سنة أئمة
الهدى؛ فقد روي عنهم الكثير من الأحاديث التي تحض على الزهد، وتبين مكانته من
الدين، وخاصة بعد ما رأوا تثاقل المسلمين إلى الدنيا، وتحريف بعضهم للدين بسببها.
ومن أمثلتها قول الإمام
علي: (طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك الذين اتخذوا الأرض
بساطاً، وترابها فراشاً، ومائها طيباً، والقرآن دثاراً، والدعاء شعاراً، وقرضوا من
الدنيا تقريضاً على منهاج عيسى بن مريم عليه السلام)([689])
وحدث عن نفسه قال: (ألا
وإنّ لكل مأموم إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من
دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع
واجتهاد، فو الله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت
لبالي ثوبي طمراً.. ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل، ولباب هذا القمح،
ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني
[687]
رواه الحسن بن عرفة في جزئه المشهور، وابن عساكر.