واعتبر الشك والريب في
المصادر المعصومة، أو التحاكم إلى غيرها حولها فتنة وطبعا على القلوب، قال تعالى: ﴿
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا
لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ
الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 16]
وللأسف فقد فتح هذا
الباب على مصراعيه لهذه الأمة، كما فتح في غيرها من الأمم؛ فلم تنحصر العقائد فيما
ورد في النصوص المقدسة، وإنما أضيف إليها الكثير من العقائد التي لا مصدر لها سوى
الرؤى والإلهام والكشف وغيرها، مما لم يدل الدليل على عصمته.
ومن الأمثلة على ذلك ما
ورد من تصنيفات للصالحين وأعدادهم مما لم يرد الدليل عليه من الكتاب والسنة، والتي
اقتصرت على ذكر أوصافهم، ثم تركت المجال مفتوحا للمؤمنين للتنافس فيما بينهم في
التحقق بذلك.
لكن هؤلاء لم يرتضوا
بذلك، وإنما راحوا يذكرون أوصافا غريبة لأصناف الصالحين؛ فمنهم كما يذكر بعضهم: (رجال
الغيب: وهم عشرة لا يزيدون ولا ينقصون، هم أهل خشوع، فلا يتكلمون إلا همسا لغلبة
تجلي الرحمن عليهم دائماً في أحوالهم.. وهؤلاء هم المستورون الذين لا يُعرفون،
خبأهم الحق في أرضه وسمائه فلا يناجون سواه ولا يشهدون غيره، يمشون على الأرض
هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، دأبهم الحياء، إذا سمعوا أحداً يرفع
صوته في كلامه ترعد فرائصهم ويتعجبون، وذلك أنهم لغلبة الحال عليهم يتخيلون أن
التجلي الذي أورث عندهم الخشوع والحياء يراه كل أحد.. واعلم أن رجال الغيب في
اصطلاح أهل الله يطلقونه ويريدون به هؤلاء الذين ذكرناهم وهي هذه
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 47