نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 410
ويقصدون بالشطح صنفين
من الكلام، أولهما (الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى، والوصال
المغني عن الأعمال الظاهرة، حتى ينتهى قوم إلى دعوى الاتحاد وارتفاع الحجاب،
والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب، فيقولون: قيل لنا كذا وقلنا كذا)([509])
وقد حكموا على هذا
الكلام بأنه (عظيم ضرره في العوام، حتى ترك جماعة من أهل الفلاحة فلاحتهم، وأظهروا
مثل هذه الدعاوي، فان هذا الكلام يستلذه الطبع، إذ فيه البطالة من الأعمال مع
تزكية النفس بدرك المقامات والأحوال، فلا تعجز الأغبياء عن دعوى ذلك لأنفسهم، ولا
عن تلقف كلمات مخبطة مزخرفة، ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا: هذا
إنكار مصدره العلم والجدل، والعلم حجاب، والجدل عمل النفس. وهذا الحديث لا يلوح
إلا من الباطن بمكاشفة نور الحق. فهذا ومثله مما قد استطار في البلاد شرره وعظم في
العوام ضرره حتى من نطق بشي ء منه فقتله أفضل في دين الله من إحياء عشرة) ([510])
وأما الصنف الثاني؛ فهو
(كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائقة، وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل، وذلك
إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها بل يصدرها عن خبط في عقله وتشويش في خياله لقلة
إحاطته بمعنى كلام قرع سمعه، وهذا هو الأكثر. وإما أن تكون مفهومة له ولكنه لا
يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره، لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه
طريق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة، ولا فائدة لهذا الجنس من الكلام إلا
أنه يشوش القلوب ويدهش العقول، ويحير الأذهان، أو يحمل على أن يفهم منها