وقال آخر: (الحقيقة: هي
أن ترى الله هو المتصرف في خلقه: يهدي، ويضل، ويعز، ويذل، ويوفق، ويخذل، ويولي،
ويعزل، وينصب)([506])
وقال آخر: (الحقيقة: لا
تكون إلا بعد الاغتراف من عين الشريعة، فإن الحقيقة نتائج العلوم، وبها يترجم
المحقق عن الأسرار التي لا تحيط بها الفهوم)([507])
وقال آخر: (الحقيقة: هي
المطلوب من كل شيء، التي لا يراد من الشيء سواها، ولا يقصد إلا علاها)([508])
فهذه كلماتهم ـ أيها
المريد الصادق ـ وقد تعمدت ذكرها لك في هذا الموقف، مثل ذكر غيرها في مواقف أخرى،
لترد على أولئك الذين لا همّ لهم إلا ثلب أعراض الصالحين والإساءة إليهم من غير
تكليف أنفسهم بالبحث في مقولاتهم، أو النظر في كتبهم.
لكن ذلك لا يعني
عصمتهم، أو عصمة كل من اتبعهم، أو ادعى النسبة إليهم؛ ففي كل محل يوجد الطيب
والخبيث، والصادقون والكاذبون، فذلك ذكر من يفصل بين الشريعة والحقيقة، ويدعي أن
الشريعة حجاب عن الحقائق، وأن المتحقق هو الذي يرفضها، وقد قال بعضهم في الرد على
هذا، لمن ذكر له أن من الواصلين من يقول هذا: (وصلوا.. ولكن إلى سقر)
وقد أطلق الحكماء على
تلك الظواهر التي تسيء إلى الشريعة بدعوى الحقيقة لقب [الشطح والطامات]
[505] أحمد
بن عجيبة، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ج 2 ص 299.
[506] أحمد
الكمشخانوي النقشبندي، جامع الأصول في الأولياء، ج 1 ص 192.
[507] عبد
المجيد الشرنوبي، شرح تائية السلوك إلى ملك الملوك، ص 7.
[508] محمود
أبو الشامات اليشرطي، الإلهامات الإلهية على الوظيفة الشاذلية اليشرطية، ص 15.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 409