نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 252
الحکمه
القدره
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن القدرة والحكمة والعلاقة
بينهما، والمعارف المرتبطة بذلك، وأثرها في رضا النفس المطمئنة.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن للقدرة والحكمة ـ بحسب ما تدل النصوص
المقدسة، وبحسب ما تعارف عليه الحكماء ـ نوعين من العلاقة:
أولهما أن القدرة الإلهية مع كونها مطلقة، لا حدود تحدها، ولا شيء يقف
أمامها، ولكنها مع ذلك تراعي الحكم والمصالح المختلفة، والتي تقتضيها أسماء الله
الحسنى.. لذلك قد تبرز القدرة في مظهر رحمة، أو في مظهر شدة، أو في مظهر جلال، أو
في مظهر جمال، بحسب ما تقتضيه الأحوال، والتي تستدعيها الحكمة الإلهية البالغة.
وثانيهما أن القدرة الإلهية مع طلاقتها وعدم محدوديتها إلا أن الله تعالى
آثر بفضله ومنته وحكمته في خلقه أن تبرز مقتضياتها ضمن عالم الأسباب والمسببات؛
حتى يعبر الصادقون من السبب إلى المسبب، ومن الحكمة إلى القدرة، وحتى يتيه
الغافلون في عالم الأسباب؛ فينشغلوا بها عن مسببها.
أما أول العلاقتين؛ فلعل أحسن تعبير عنها ما ذكره بعض الحكماء في قوله: (ليس
في الإمكان أبدع مما كان) ([306])
وعبر عنها آخر، فقال: (لا تحقر أحدا من خلق الله، فإن الله ما احتقره حين
خلقه)([307])
وكلا المقولتين تدلان على أن كل شيء في الكون خلق في محله اللائق به،
والذي لا
[306] الإملاء في إشكالات الإحياء 5/ 35 (ملحق بالإحياء) وكذلك أنظر
الإحياء 4/ 258.