نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 19
وهذا لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ أن هؤلاء كاذبون في دعاواهم، ولا
أنهم ملفقون لتلك الأحاديث، بل هم صادقون في الحديث عن أنفسهم، وما كشف لهم، ويجب
حسن الظن بهم مثلما يحسن الظن بسائر الناس.
لكن هناك فرقا بين أن تحسن الظن بشخص، وأن تقبل كل ما يقوله.. فالثبوت
يختلف عن الإثبات.. ذلك أن الثبوت أمر شخصي، ولا علاقة له بسائر الناس، وأما
الإثبات فيحتاج إلى البراهين والأدلة، وهؤلاء لا براهين لهم سوى ذلك الكشف الذي
حصل لهم، والذي قد يختلط فيه الحق بالباطل، والإلهام بالوسوسة.
ذلك لأن المتعرض للكشف
أو الإلهام غير معصوم، وبالتالي يمكن أن تصبح للأهواء والمعارف السابقة تأثيرها
فيما قد يعتقده كشفا صحيحا.
ولهذا اتفق المشايخ
والحكماء سلفهم وخلفهم على عرض ما يكشف لهم على المصادر المعصومة، فإن وافقت فبها،
وإلا رمي بها، كما عبر بعضهم عن ذلك بقوله: (إن النكتة لتقع في قلبي من جهة الكشف
فلا أقبلها إلا بشاهدى عدل من الكتاب والسنة)
وقال آخر: (كل حقيقة لا تشهد لها
الشريعة فهي زندقة.. طِرْ إلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة، ادخل عليه ويدك
في يد الرسول a)([16])
وقال آخر: (إِذا عارض كشفُك
الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله تعالى
ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام)([17])
ولهذا يخطئ بعضهم
بعضا في تلك المعارف التي وصلوا إليها، ومن ذلك قول بعضهم