وقد ورد في
القرآن الكريم ما يدل على أن من العقوبة التي تنزل على عباد الله الغافلين أن تفتح
عليهم زهرة الدنيا، ويفاض عليهم نعيمها، قال تعالى:﴿
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ
مُبْلِسُونَ﴾ (الأنعام:44)
ويروى في هذا
عن رسول الله a أنه قال: (إذا رأيتم الله تعالى يعطي
العباد ما يشاءون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم)، ثم تلا قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ (الأنعام:44))([221])
ولهذا، فإن
المتوسمين من عباد الله يستدلون بوجود الفاقات على قرب الصدقات، لأن الفاقة تحقق
صاحبها بالافتقار، والافتقار يؤهل صاحبه للفضل، وقد أشار بعض الحكماء إلى هذا
فقال: (خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك، وترد فيه إلى وجود ذِلتك)
وقال: (فاقتك
لك ذاتية، وورود الأسباب مذكرات لك بما خفي عليك منها، والفاقة الذاتية لا ترفعها
العوارض)
ولهذه الآثار
الجميلة التي يحدثها البلاء في النفس، ومع الله، ومع المجتمع، كان الحمد لله
والشكر له يخرج من أفواه الصالحين غضا طريا مشفوعا بالشعور بالمنة لاعتقادهم أن
الله ما ابتلاهم ليعذبهم، وإنما ابتلاهم ليخلصهم من أوزار نفوسهم، وليجعلهم أهلا
له، وقد