نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 159
النفع و الضرر
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عما ورد في النصوص المقدسة من
الدلالة على كون الله تعالى هو وحده النافع الضار، وكل نفع أو ضر لا يكون إلا منه،
وبإذنه، وعن علاقة ذلك بالعدالة والرحمة الإلهية، وعلاقته بعد ذلك وقبله بالنفس
المطمئنة الراضية.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن هذه المعرفة من المعارف الضرورية
للنفس المطمئنة، وأنها سبب من أسباب طمأنينتها ورضاها، وذلك يعود إلى ما ذكرت لك
من أن الأساس الأكبر للطمأنينة والرضا هو اعتقاد تفرد الله تعالى بكل شيء في كونه،
وما دام النفع والضر مرتبط بالتدبيرات الكونية؛ فالله تعالى هو المتفرد بتدبيرهما.
وذلك لا يعني عدم وجود علاقة لعباده بذلك.. بل لهم علاقة كبيرة، ذلك أن
النفع والضر مثلهما مثل الهداية والضلال، أو التوفيق والخذلان، أو الخفض والرفع،
كلها لها أسبابها المرتبطة بأعمال العباد، كما قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ
الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلهمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]
فالله تعالى أخبر في الآية الكريمة أنه هو من يذيق عباده جرائر أعمالهم،
لكنه أخبر في نفس الوقت عن سبب ذلك، وهو أهليتهم وقابليتهم لذلك الضر الذي نزل
بهم، وكان في إمكانهم تحويله إلى نفع لو أنهم لم يفسدوا.
وهذه المعرفة ـ أيها المريد الصادق ـ هي وحدها من يُكسب النفس طمأنينتها
ورضاها، ذلك أنها تعلم أن الأمر كله لله؛ فلذلك توحّد مشاعرها جميعا نحوه، ولو
أنها اعتقدت أن النفع منه والضرر من غيره، لتشتت بين إرضاء من يملك النفع، أو من
يملك الضر، وذلك ما يجعلها منقسمة على نفسها، لأنها إن أرضت جهة أسخطت غيرها.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 159