نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 142
التوفیق والخذلان
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عما ورد في النصوص المقدسة من
الدلالة على توفيق الله تعالى لعباده الصالحين، وخذلانه لغيرهم من المنحرفين، وعن
علاقة ذلك بالعدالة والرحمة الإلهية، وعلاقته بعد ذلك وقبله بالنفس المطمئنة
الراضية.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن العلم بالتوفيق والخذلان الإلهي،
وحقيقتهما وأسبابهما من المعارف الضرورية للنفس المطمئنة، ذلك أنها لم تصل إلى تلك
الدرجة الرفيعة في سلم التزكية والترقية إلا بعد حصولها على التوفيق الإلهي، فهو
تأشيرتها وتذكرتها التي مكنتها من الوصول.
ولو أنها تخلت عن شعورها بالتوفيق الإلهي لحظة واحدة، وتوهمت أن كل ما
لها من عندها، وليس من عند الله؛ فإن كل شيء لديها ينهار، وتعود من التوفيق إلى الخذلان،
ومن التزكية إلى الدنس، ومن الترقي إلى السقوط، ومن النفس المطمئنة إلى النفس
الأمارة.
وقد أشار إلى هذا قوله تعالى عن ذلك الذي ركن إلى نفسه، وتخلى عن ربه،
فسقط بعد ارتفاع، وضل بعد هداية، وخُذل بعد توفيق: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ
نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ
مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلهمْ
يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 175، 176]
ولهذا يخبر الله تعالى عن المؤمنين أنهم لا يحمدون أنفسهم على ما حصل لهم
من الهداية، وإنما يحمدون ربهم على توفيقه لهم لذلك، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا
الْحَمْدُ لله الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ
هَدَانَا الله﴾ [الأعراف: 43]، وقد ذكر قبل ذلك توفيقه لهم
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 142