responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 616

أول الأدوار التي تؤديها المخالطة في التربية والتزكية والتهذيب ـ أيها المريد الصادق ـ ما يمكن تسميته [تنمية طاقة التحمل]، ذلك أن النفس ـ بسبب اعتزالها الطويل عن الخلق ـ لا تتعرض للكثير من أنواع البلاء التي ترتبط بالمخالطة، وبذلك تصبح ضعيفة هشة قد يؤثر فيها أبسط المواقف، ولذلك فإن تنمية قوتها ترتبط بمخالطة المجتمع.

وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (آل عمران:186)، وقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة:155)، وقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد:31)

فالله تعالى يحضر الأنفس المؤمنة لاستقبال البلاء بما يخبر به من سنته في خلقه وسنته في المؤمنين، حتى تتأدب الأنفس بأدب الصبر العظيم الذي يوفر لها الطاقة على تحمل البلاء.

والفائدة الثانية من ذلك هي اكتشاف المؤمن لنفسه، وتشخيصه لأدوائه، ذلك أنه لا يمكنه أن يشخصها، وهو بعيد عن المجتمع، وإلى ذلك الإشارة بما ورد في القرآن الكريم من أن المقصد من البلاء، ليس ذات البلاء، وإنما تمحيص الأنفس، وتبيين حقيقتها، والتفريق بين الطيب والخبيث، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (آل عمران:179)

ومما يروى في ذلك أن (حكيما من الحكماء صنّف كتبا كثيرة في الحكمة حتّى ظنّ أنّه قد نال عند الله منزلة، فأوحى الله إلى نبيّ زمانه: (قل لفلان إنك قد ملأت الأرض نفاقا، وإنى لا أقبل من نفاقك شيئا)، فتخلى وانفرد في سرب تحت الأرض، وقال الآن قد بلغت

نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 616
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست