نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 525
َنْفُسِهِمْ
وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ&﴾ [يس: 36]، وإلى ما يعرف أصلها وجملتها ولا يعرف
تفصيلها، فيمكننا أن نتفكر في تفصيلها.. وهي منقسمة إلى ما أدركناه بحس البصر،
وإلى ما لا ندركه بالبصر، أما الذي لا ندركه بالبصر فكالملائكة، والجن، والشياطين،
والعرش، والكرسي، وغير ذلك، ومجال الفكر في هذه الأشياء مما يضيق ويغمض، فلنعدل
إلى الأقرب إلى الأفهام وهي المدركات بحس البصر، وذلك هو السموات السبع، والأرض،
وما بينهما. فالسماوات مشاهدة بكواكبها، وشمسها، وقمرها، وحركتها، ودورانها في
طلوعها وغروبها.. والأرض مشاهدة بما فيها من جبالها، ومعادنها، وأنهارها، وبحارها،
وحيوانها، ونباتها.. وما بين السماء والأرض وهو الجو مدرك بغيومها، وأمطارها،
وثلوجها، ورعدها، وبرقها، صواعقها، وشهبها، وعواصف رياحها. فهذه هي الأجناس
المشاهدة من السموات والأرض وما بينهما)
ثم
ذكر وجه التفكير فيها، والترقي من خلاله؛ فقال: (وجميع ذلك مجال الفكر فلا تتحرك
ذرة في السموات والأرض من جماد، ولا نبات، ولا حيوان، ولا فلك، ولا كوكب، إلا
واللّه تعالى هو محركها، وفي حركتها حكمة، أو حكمتان، أو عشر، أو ألف حكمة، كل ذلك
شاهد للَّه تعالى بالوحدانية، ودال على جلاله وكبريائه)
وهذا
هو التفكير السليم ـ أيها المريد الصادق ـ وهو الذي أشار إليه القرآن الكريم، بل
دعا إليه، واعتبر أنه الوسيلة التي يستخدمها أولو الألباب للترقي في معارج
العرفان، فقال: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ
النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: 164)
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 525