نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 483
المحاسبه الدقیقه
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن المرابطة الثالثة من مرابطات النفس اللوامة،
تلك التي اُتفق على تسميتها [المحاسبة]، وفائدتها، وكيفيتها، والنصوص المقدسة
الدالة عليها.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن المحاسبة ركن من أركان السير إلى الله، فلا يمكن للسالك
أن يزكي نفسه، ولا أن يرتقي بها في معارج الكمال المهيئة لها ما لم يتعامل مع نفسه
تعامل الشريك مع شريكه، يحاسبه على الدينار والدرهم، والقليل والكثير، حتى تستقيم
لهما الشراكة، ولا يميل بها أحدهما حيث يميل به هواه.
وسر
المحاسبة ـ أيها المريد الصادق ـ ينطلق من شعور السالك أنه ليس حرا في تصرفاته،
وإنما هو عبد لربه الذي خلقه، ووفر له كل ما يحتاجه في هذا العالم، لا ليسكن له،
أو يمارس فيه ما تشاء له نفسه أو مجتمعه، وإنما لينفذ فيه الوظائف التي كلف بها،
وهي وظائف لا غرض لها سوى تزكيته، وتهذيبه، وتأهيله لعالم أكثر جمالا.
وبذلك
فإن المحاسب لنفسه يشبه الأستاذ الذي يحاسب تلاميذه على دروسهم، ومراجعتهم لها،
وحلهم للمسائل التي يطلبها منهم..
وهذا
ليس مجرد مثال تقريبي، بل هو الحقيقة، فالإنسان في هذه الدنيا ليس سوى تلميذ في
المدرسة الإلهية؛ فإن كان نجيبا احترم الوظائف التي كلف بها، وأجاب عن الأسئلة
التي يسأل عنها، وندم على كل مسألة أخطأ في جوابها.. وإن كان بليدا كسولا مشاغبا،
لم يكتف بالسخرية من الأسئلة، ولا بعدم الإجابة عنها، وإنما يضيف إلى ذلك ما يفعله
المشاغبون من السخرية من الأستاذ والمدرسة والأسئلة.
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 483