نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 398
ووفاء عهدك الذي عاهدت
به مع ربّك، وأوجبت له إلى يوم القيامة، واعلم بأنّ الله تعالى لم يفترض الحجّ،
ولم يخصّه من جميع الطاعات بالإضافة إلى نفسه ولا شرع نبيّه a سنّة في خلال
المناسك على ترتيب ما شرعه، إلاّ للاستعداد والإشارة إلى الموت والقبر والبعث
والقيامة، وفصّل بيان السابقة من الدخول في الجنّة أهلها ودخول النار أهلها
بمشاهدة مناسك الحجّ من أوّلها إلى آخرها لأولي الألباب وأولي النهّى)([826])
الحج والترقية:
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الحج الذي يزكي نفسك ويطهرها، هو نفسه
الذي يرقيها، وينمي فيها كل المكارم؛ فلا يمكن أن تزاح مثلبة من مثالب النفس
الأمارة إلا وتستبدل بمكرمة من مكارم النفس المطمئنة.
ولتتحقق
بذلك ـ أيها المريد الصادق ـ عليك أن تتعامل مع أركان الحج وسننه ومستحباته بنفس
الخشوع الذي تتعامل به مع الصلاة؛ فلا تكتفي بأداء ما كلفت به بظاهرك وجوارحك، بل
تشرك معك باطنك وقلبك وكل لطائفك.
وأول ذلك أن
تفهم مقاصد الحج، حتى لا تكتفي بالطقوس والرسوم، وتغفل عن المقاصد التي شرع
لأجلها، وقد روي أن الإمام الصادق سئل عن علل الطواف وغيره من شعائر الحج؛ فقال:
(لأنّ الكعبة بيت الله الحرام وحجابه والمشعر بابه، فلمّا أن قصده الزائرون وقفهم
بالباب حتى أذن لهم بالدخول، ثم وقّفهم بالحجاب الثاني وهو مزدلفة، فلمّا نظر إلى
طول تضرّعهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلمّا قربوا قربانهم، وقضوا تفثهم، وتطهروا من
الذنوب التي كانت لهم حجاباً دونه، أمرهم بالزيارة على طهارة)، فسئل عن سر كراهة الصيام
في أيام التشريق، فقال: (لأنّ القوم زوّارُ الله وهم في ضيافته، ولا ينبغي