نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 316
أن
تفهم مقاصدها؛ لتركع ركوع الصالحين؛ فيتحقق لك بذلك جزء من صلاتهم، ولعل الله أن
يرفعك بذلك الجزء لتنال الكمال، وترقى في معارج العرفان والتحقق، كما عرج بهم.
السجود والتزكية:
أما
السجود ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنه من العبادات العظيمة التي أخبر الله
تعالى أنها ليست خاصة بالبشر فقط، وإنما هي عبادة الكون جميعا؛ فالكون بمفرداته
جميعا يقيم شعائر السجود، كل بطريقته الخاصة، وبحسب قابليته، ومدى نيله لتجليات
الأسماء الحسنى، كما قال تعالى:﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ
وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ
عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ الله
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ (الحج:18)
بل
إن القرآن الكريم يذكر أن سجود الأشياء شامل يشمل الشخوص والظلال، أو الجواهر
والأعراض، قال تعالى:﴿وَلله يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ (الرعد:15)
وقد
صور القرآن الكريم شكلا من أشكال السجود بقوله تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَوْا
إِلَى مَا خَلَقَ الله مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ
وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لله وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ (النحل:48)
هذا
ما ذكره ربنا، ولا ينبغي لعقولنا ومداركنا البسيطة أن تخوض في كيفية ذلك، أو تحاول
تأويله؛ فالعقل لا يرفض ذلك، ومعارفنا المحدودة أدنى من أن تصل إلى حقيقة ذلك، أو
تتوهمه وتتخيله.
ولذلك
فإن هذه الأمور ومثيلاتها ـ أيها المريد الصادق ـ تؤخذ تعقلا وتذوقا، لا تخيلا
وتصورا، فحس الإنسان لا يدرك إلا ما هو في دائرته المحدودة، وهي من المحدودية بحيث
لا يصح الاعتماد عليها في تصوير ما غاب عن الحس.
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 316